بعد أن حقق التريند على وسائل التواصل.. مشروع عقدة المواساة المرورية بعيون الخبراء

تصدر مشروع عقدة المواساة حديث السوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية لعوامل عدة، منها المرتبط بأهمية تنفيذ هذا المشروع المؤجل منذ 40 عام وانعكاساته الإيجابية على الازدحام المروري في دمشق، وأخرى بسبب بعض الهفوات والأخطاء التي لحظت عقب الحديث عن انتهاء أعمال التنفيذ، ليبقى السؤال الأهم هل قامت محافظة دمشق بالالتزام بكامل معايير السلامة المرورية على اختلافاتها.

مشروع عقدة المواساة المرورية بعيون الخبراء

حول هذا الأمر قال خبير السلامة والوقاية من الحوادث والحرائق محمد الكسم لوسائل إعلام محلية سورية إن نفق المواساة والذي يتجاوز طوله 500 متر يفتقد لأي معدات للوقاية ومكافحة الحرائق الخطرة التي تحصل عادةً في الأنفاق الطويلة.

مشروع عقدة المواساة المرورية

أوضح الخبير أن النفق يحتاج علب إطفاء تتضمن خراطيم 1 إنش مطاطية حصراً من تلك المخصصة لمكافحة الحرائق، كون هذا النوع سهل الاستخدام من قبل الجميع، وليس مثل الخراطيم القماشية التي لا يمكن التعامل معها إلّا من قبل رجال الإطفاء المدربين، كما أضاف أن النفق يحتاج أيضاً إلى تمديدات معدنية مخصصة للإطفاء، بقطر لا يقل عن 3 إنش، تغذّى من خط ماء دائم الجريان، أو من خزان ماء علوي سعته لا تقل عن 50 متر مكعب، يتم تركيبه بأعلى تلّة أو بناء مجاور على ارتفاع لا يقل عن 50 متراً، عن سوية علب الإطفاء، ليعطي ضغط يتجاوز 5 بار، صالح لعمليات الإطفاء.

أشار الخبير إلى أنه بهذه الطريقة يمكن لمستخدمي الطريق التعامل الفوري والناجح مع أي حريق مدمر ينتج أثناء أي اصطدام يحصل بالأنفاق الطويلة، ويحوّلها لفرن خطير يصعب الدخول والخروج منه خلال دقائق معدودة.

ماذا عن الإنارة في نفق المواساة؟

لفت الخبراء إلى أن الإنارة الداخلية والخارجية لنفق المواساة مرتبطة بخط كهرباء معفى من التقنين واصف هذه الخطوة بـ الذكية والممتازة، وبأنه يجب الاقتداء بها لجميع الطرق والساحات والأنفاق الرئيسة في دمشق.

تابع الخبير أن الإنارة داخل النفق تبدو جيدة وتحقق المطلوب، أما الإنارة الغامرة الخارجية للساحة والتفريعات المنبثقة عنها فيها أخطاء تصميمية، إذ يجب أن تكون أجهزة الإنارة مركبة بأعلى أعمدة مرتفعة لا تقل عن 10 أمتار، وأجهزة الإنارة المركبة بنهايتها موجهة من الأعلى نحو الأسفل بشكلٍ عامودي تماماً، كالأعمدة الموجودة في أوتوستراد كفرسوسة، حيث أردف أن في المشروع الجديد نشاهد ولأول مرة أعمدة مقوّسة وقصيرة جداً، نحو 7 أمتار، ليست كاملة أو جيدة ولا نظامية، كالأعمدة المركبة في أوتوستراد كفرسوسة.

شرح الخبير، أن الأعمدة المقوّسة القصيرة في مشروع المواساة، تنتهي بأجهزة إنارة مركبة بشكل أفقي خاطئ، يُعطي إنارة أفقية تنتشر بشكلٍ خاطئ، تبهر وتزعج رؤية السائقين والمشاة على حد سواء.

نصح الخبير بأن تكون أعمدة الإنارة الغامرة للطرق الرئيسية عالية، فوق 10 أمتار، أما أجهزة الإنارة للطرق الرئيسية والساحات العامة فتكون بشدة لا تقل عن 150 واط، ليد، ومخصصة للعمل لمدة 50 ألف ساعة عمل، وشدة 100 لومن لكل واط، بحيث تنشر إنارة غامرة قوية، لا تبهر نظر السائقين، مثل ما جرى تنفيذه قبل أسابيع في أوتستراد المزة.

مواقف الطوارئ وملاحظات أخرى في نفق المواساة

بيّن الخبير أن النفق يفتقد إلى مواقف الطوارئ المخصصة للمركبات المعطلة (مثل الموجودة بنفق العباسيين)، وهي مسافة إضافية إلى يمين الطريق بطول 15 متراً، تتسع لوقوف حافلة أو سيارتين معطلتين، تهدف لتأمين انسيابية الحركة والوقاية من الاصطدامات المتلاحقة مع المركبات المعطلة، وهذا الأمر معروف دولياً بالأنفاق.

أسفَ الخبير لكونه نلاحظ في المشروع الجديد وجود فراغات بين الكتل الأسمنتية، وهذا خطأ، إذ يسبب الاصطدام بالكتل المتفرقة ذات الفراغات انحشار المركبة المنحرفة وتضررها وتلفها الشديد بمن فيها من ركاب، كما طالب بجعل الحاجز المنصف متصلاً 100% بلا فواصل، ومثبتاً بالأرض بشكلٍ متين، وليس موضوعاً بشكلٍ عادي متفرق، والذي سيحتاج لصيانته فور كل اصطدام.

خبرة تسويق عن الإعلانات داخل النفق الحديث في المواساة

حول الجداريات والإعلانات الموضوعة في النفق وجدواها التسويقية وسلامة تواجدها، قال المدرب واختصاصي التسويق، رامي عيسى لوسائل إعلامية محلية سورية إن الإعلانات الملائمة للأنفاق هي التي تعكس فلكلور البلد وتراثه أو هوية المناطق المشاد فيها، في حين لا يحبّذ وجود أي إعلانات تجارية على الطرق السريعة، كونها لا تحقق أي أهداف تسويقية، باستثناء تذكير العميل باسم المنتج بعبارات مختصرة جداً.

حيث أضاف أنه في معظم الدول منعت اللوحات الإعلانية الطرقية المتحركة، وجاءت هذه القرارات بناءً على دراسات أظهرت دور هذه الإعلانات بزيادة نسبة الحوادث، لكونها تشتت السائق، إلّا في حال تواجد هذه اللوحات على إشارات المرور، لذلك الإعلانات الطرقية يجب أن تكون ثابتة، سريعة، ومختصرة.

حول الأنفاق تحديداً، أجاب خبير التسويق، أن معظم الدول لا تعتمد الأنفاق كأماكن للإعلانات، وإنما فرصة لعرض صور وجداريات تعكس الهوية الحضارية للبلدان وتراثها وثقافة شعوبها أو تعكس هوية بصرية تتلائم وطبيعة المنطقة، كالنقاط البحرية مثلاً.

يُعدّ مشروع عقدة المواساة أول مشروع بناء كبير للنقل الحضري يُنفّذ في سوريا منذ عام 2011، حين افتتح طريق شبه سريع بطول عدة كيلومترات يربط مشروع دمر مع ضاحية قدسيا، كما ويعتبر تنفيذ نفق وساحة المواساة خلال فترة عام، خطوه أولى جيدة، وإن طالت، لمعاودة إنشاء عدة تقاطعات وأنفاق مفيدة مشابهة في بقية محاور الازدحام المعروفة بدمشق.

ختاماً يُذكر أن فكرة إنشاء نفق المواساة، ومثله نفق المجتهد وباب مصلى، مطروحة ومؤجلة التنفيذ منذ حوالي 40 عاماً، إذ تفتقد معظم التقاطعات والدوارات بدمشق للتقاطعات على مستويين وثلاث مستويات (جسور علوية وممرات سطحية وأنفاق أرضية)، تشكّل نقاط مرورية سوداء، وسببت ولا تزال الكثير من الجلطات المرورية والازدحامات الخانقة والتلوّث والاصطدامات.

0 تعليق

إرسال تعليق